عملیّة صیاغة النظم الإسلامیّة مع الترکیز على النظام السیاسی

إنّ صیاغة النظم وضرورة القیام بذلک باعتبارها خطوة من خطوات عدیدة فی مسیرة الثورة الإسلامیّة الهادفة للوصول إلى الحضارة الإسلامیّة لیست مشروعاً یمکن تحقیقه من خلال الاستدلال والاستنادات المعیّنة فی فترةٍ زمنیّةٍ محدّدة، بل هی عملیّة تستلزم القیام بخطوات أساسیّة، مثلما تحتاج فی کلّ خطوة منها إلى بیان الرأی المنتخب کی یتحقّق فی النتیجة بناء ذلک النظام باعتباره ثمرةً لتلک الخطوات. وبعیداً عن کون النظام الإسلامی تأسیسیّاً محتاجاً إلى العمل على صیاغته، أو کونه اکتشافیّاً، فإنّ عملیّة صیاغة النظام یجب أن تقوم منذ مرحلة المبادئ التصوّریّة بتعریف هذا النظام وعلاقته بمفاهیم النموذج والمؤسّسة والکیان، وأن یتمّ اختیار وتعیین الأُسس التی یستند بناء النظام علیها، والاهتمام بمکوّنات وأرکان هذا النظام، وتعیین أُسلوب تأسیس أو کشف هذا النظام، وإیجاد النموذج الخارجی للنظام وتهیئة المصادر المناسبة له. ومن الطبیعی أن یتمّ تقییم هذا النظام المطلوب فی سیاق استعراض خصائصه ومن خلال تعیین المعاییر المناسبة لذلک. کما یجب بیان الأنظمة الوسطیّة والجزئیّة وما یربط بینها من العلاقات التفاعلیّة وتهیئة لوازم تحقّق هذا النظام وعینیّته، وذلک بعد القیام بالتفکیک بین النظام الکلّی والأنظمة الوسطیّة والأنظمة الجزئیّة التی تندرج جمیعها ضمن النظام الإسلامی. وهذا النظام السیاسی الذی یندرج تحت مقولة فقه النظام السیاسی من الطبیعی أن یتکامل ویتحقّق من خلال الالتزام بما تقتضیه هذه الخطوات. وهذا التحقیق یعتمد أُسلوباً مبنیّاً على الفلسفة المضافة، مع نظرةٍ ثانویّة لمباحث صیاغة الأنظمة، لیبحث فی خطوات عملیّة تحقّق صیاغة ذلک النظام الإسلامی انطلاقاً من إیمان الکاتب بإمکانیّة بناء النظام الإسلامی.